فصل: صبره صلى الله عليه وسلم:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: موسوعة الفقه الإسلامي



.4- التحلي بمكارم الأخلاق:

.فقه الأخلاق الحسنة:

النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خَلْقاً وخُلُقاً.
وكان خلقه القرآن، يتأدب بآدابه، ويحل حلاله، ويحرم حرامه.
اصطفاه الله على البشر، وأرسله بالحق رحمة للعالمين إلى يوم الدين: {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ [4]} [الجمعة:4].
فمن أراد أحسن الأخلاق وأجملها فليأخذها من مشكاته، ويقتدي به في سيرته وسريرته، ومعاشرته وأخلاقه، وعبادته ومعاملاته، ودعوته وتعليمه، وفي سائر أحواله.
{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا [21]} [الأحزاب:21].
وقد ذكرنا أهم الأخلاق والشمائل التي تخلق بها النبي?، ودعا الناس إليها، وعاملهم بها، ورغبهم في التخلق بها، لتكون قدوة لكل إنسان على وجه الأرض.
يعبد بها ربه.. ويتجمل بها بين خلقه.. ويتألف بها قلوب العباد.. ويسوق بها الكافر إلى الإسلام.. ويجر بها العدو إلى المحبة.. ويجذب بها الخلق إلى الحق.. ويدفع بها السفيه إلى الحلم: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ [34] وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ [35]} [فُصِّلَت:34- 35].

.فقه الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم:

يجب على كل مسلم أن يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم في كل ما جاء به من عند الله من الأقوال والأفعال، والأخلاق والآداب، والتوحيد والإيمان، والسنن والأحكام.
فنقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم في كل شيء إلا ما خصه الله به كالنبوة، والوحي إليه، ونكاح أكثر من أربع زوجات، وحرمة نكاح نسائه من بعده، وحرمة الأكل من الصدقة، وعدم إرثه، ووصال الصيام، ونحو ذلك مما هو معلوم، فذلك خاص به، لا يشاركه فيه غيره، ولا يقتدى به فيه.
قال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا [21]} [الأحزاب:21].
وقال الله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [7]} [الحشر:7].
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ الله قَالَ: «الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ، وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ». متفق عليه.

.حسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم:

قال الله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ [4]} [القلم:4].
وقال الله تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [128]} [التوبة:128].
وَعَنْ عَبْدِالله بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَاحِشاً وَلا مُتَفَحِّشاً، وَكَانَ يَقُولُ: «إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ أحْسَنَكُمْ أخْلاقاً». متفق عليه.
وَعَنْ أنَسٌ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قال: خَدَمْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَشْرَ سِنِينَ، فَمَا قال لِي: أفٍّ، وَلا: لِمَ صَنَعْتَ؟ وَلا: ألا صَنَعْتَ. متفق عليه.

.كرم النبي صلى الله عليه وسلم:

عَنْ جَابِر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: مَا سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ شَيْءٍ قَطُّ فَقَالَ: لا. متفق عليه.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: كَانَ رَسُولُ الله أجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسُولُ الله أجْوَدُ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ. متفق عليه.
وَعَنْ أنَس رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: مَا سُئِلَ رَسُولُ الله عَلَى الإِسْلاَمِ شَيْئاً إِلاَّ أَعْطَاهُ، قَالَ: فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَأَعْطَاهُ غَنَماً بَيْنَ جَبَلَيْنِ، فَرَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ، فَقَالَ: يَا قَوْمِ! أَسْلِمُوا، فَإِنَّ مُحَمَّداً يُعْطِي عَطَاءً لاَ يَخْشَى الفَاقَةَ. أخرجه مسلم.

.حياؤه صلى الله عليه وسلم:

عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أشَدَّ حَيَاءً مِنَ العَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا، فَإِذَا رَأى شَيْئاً يَكْرَهُهُ عَرَفْنَاهُ فِي وَجْهِهِ. متفق عليه.

.تواضعه صلى الله عليه وسلم:

عَنِ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لا تُطْرُونِي كَمَا أطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ، فَإِنَّمَا أنَا عَبْدُهُ، فَقُولُوا: عَبْدُ الله وَرَسُولُهُ». أخرجه البخاري.
وَعَنْ أَنَسٍ رَضيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ امْرَأَةً كَانَ فِي عَقْلِهَا شَيْءٌ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ الله! إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً، فَقَالَ: «يَا أُمَّ فُلاَنٍ! انْظُرِي أَيَّ السِّكَكِ شِئْتِ، حَتَّى أَقْضِيَ لَكِ حَاجَتَكِ». فَخَلاَ مَعَهَا فِي بَعْضِ الطُّرُقِ، حَتَّى فَرَغَتْ مِنْ حَاجَتِهَا. أخرجه مسلم.
وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «لَوْ دُعِيتُ إِلَى ذِرَاعٍ، أوْ كُرَاعٍ، لأَجَبْتُ، وَلَوْ أهْدِيَ إِلَيَّ ذِرَاعٌ أوْ كُرَاعٌ لَقَبِلْتُ». أخرجه البخاري.

.استقامته صلى الله عليه وسلم:

قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [161] قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [162] لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [163]} [الأنعام:161- 163].
وقال الله تعالى: {فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ [15]} [الشورى:15].

.شجاعته صلى الله عليه وسلم:

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ الله أَحْسَنَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَشْجَعَ النَّاسِ، وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ المَدِينَةِ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَانْطَلَقَ نَاسٌ قِبَلَ الصَّوْتِ، فَتَلَقَّاهُمْ رَسُولُ الله رَاجِعاً، وَقَدْ سَبَقَهُمْ إِلَى الصَّوْتِ، وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ، فِي عُنُقِهِ السَّيْفُ وَهُوَ يَقُولُ: «لَمْ تُرَاعُوا، لَمْ تُرَاعُوا». متفق عليه.
وَعَنِ البَرَاء رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كُنّا وَالله إِذَا احْمَرّ البأْسُ نَتّقِيِ بِهِ، وَإِنّ الشّجَاعَ مِنّا لَلّذِي يُحَاذِي بِهِ، يَعْنِي النّبِيّ صلى الله عليه وسلم. متفق عليه.
وَعَنْ سِنَانِ بْنِ أبِي سِنَانٍ الدُّؤَلِيِّ أنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِالله رَضِيَ اللهُ عَنْهُما أخْبَرَهُ أنَّهُ غَزَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَأدْرَكَتْهُمُ القَائِلَةُ فِي وَادٍ كَثِيرِ العِضَاهِ، فَتَفَرَّقَ النَّاسُ فِي العِضَاهِ يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ، فَنَزَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم تَحْتَ شَجَرَةٍ فَعَلَّقَ بِهَا سَيْفَهُ، ثُمَّ نَامَ، فَاسْتَيْقَظَ وَعِنْدَهُ رَجُلٌ وَهُوَ لا يَشْعُرُ بِهِ، فَقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ هَذَا اخْتَرَطَ سَيْفِي، فَقال: مَنْ يَمْنَعُكَ؟ قُلْتُ: اللهُ، فَشَامَ السَّيْفَ، فَهَا هُوَ ذَا جَالِسٌ». ثُمَّ لَمْ يُعَاقِبْهُ. متفق عليه.

.رفقه صلى الله عليه وسلم:

قال الله تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [128]} [التوبة:128].
وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ أعْرابِيّاً بَالَ فِي المَسْجِدِ، فَثَارَ إِلَيْهِ النَّاسُ ليَقَعُوا بِهِ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ الله: «دَعُوهُ، وَأهْرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ ذَنُوباً مِنْ مَاءٍ، أوْ سَجْلا مِنْ مَاءٍ، فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ». متفق عليه.
وَعَنْ أنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضيَ اللهُ عَنهُ قال: قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «يَسِّرُوا وَلا تُعَسِّرُوا، وَسَكِّنُوا وَلا تُنَفِّرُوا». متفق عليه.
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ الله قَالَ: «يَا عَائِشَةُ! إِنَّ اللهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لاَ يُعْطِي عَلَى العُنْفِ، وَمَا لاَ يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ». متفق عليه.

.عفوه صلى الله عليه وسلم:

قال الله تعالى: {وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [13]} [المائدة:13].
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أنَّهَا قالتْ: مَا خُيِّرَ رَسُولُ الله بَيْنَ أمْرَيْنِ إِلا أخَذَ أيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْماً، فَإِنْ كَانَ إِثْماً كَانَ أبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ، وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ الله لِنَفْسِهِ إِلا أنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ الله، فَيَنْتَقِمَ؟ بِهَا. متفق عليه.

.رحمته صلى الله عليه وسلم:

قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ [107]} [الأنبياء:107].
وَعَنْ أبي قَتَادَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَأُمَامَةُ بِنْتُ أبِي العَاصِ عَلَى عَاتِقِهِ، فَصَلَّى، فَإِذَا رَكَعَ وَضَعَ، وَإِذَا رَفَعَ رَفَعَهَا. متفق عليه.
وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنْهُ قال: قَبَّلَ رَسُولُ الله الحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ وَعِنْدَهُ الأقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ جَالِساً، فَقَالَ الأقْرَعُ: إِنَّ لِي عَشَرَةً مِنَ الوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ أحَداً، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ الله? ثُمَّ قال: «مَنْ لا يَرْحَمُ لا يُرْحَمُ». متفق عليه.
وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أنَّ رَسُولَ الله قال: «إذَا صَلَّى أحَدُكُمْ لِلنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ، فَإنَّ مِنْهُمُ الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ وَالكَبِيرَ، وَإذَا صَلَّى أحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ». متفق عليه.
وَعَنْ المَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ: مَرَرْنَا بِأَبِي ذَرّ بِالرّبَذَةِ، وَعَلَيْهِ بُرْدٌ وَعَلَى غُلاَمِهِ مِثْلُهُ، فَقُلْنَا: يَا أَبَا ذَرّ! لَوْ جَمَعْتَ بَيْنَهُمَا كَانَتْ حُلّةً، فَقَالَ: إنّهُ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنْ إخْوَانِي كَلاَمٌ، وَكَانَتْ أُمّهُ أَعْجَمِيّةً، فَعَيّرْتُهُ بِأُمّهِ، فَشَكَانِي إلَى النّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فَلَقِيتُ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: «يَا أَبَا ذَرّ! إنّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيّةٌ» قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله مَنْ سَبّ الرّجَالَ سَبّوا أَبَاهُ وَأُمّهُ، قَالَ: «يَا أَبَا ذَرَ إنّكَ امْرؤٌ فِيكَ جَاهِلِيّةٌ، هُمْ إخْوَانُكُمْ، جَعَلَهُمُ الله تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَأَطْعِمُوهُمْ مِمّا تَأْكُلُونَ، وَأَلْبِسُوهُمْ مِمّا تَلْبَسُونَ، وَلاَ تُكَلّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ، فَإِنْ كَلّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ». متفق عليه.
وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ غُلاَمٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَمَرِضَ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعُودُهُ، فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَقَالَ لَهُ: «أَسْلِمْ». فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ، فَقَالَ لَهُ: أَطِعْ أَبَا القَاسِمِ، فَأَسْلَمَ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقُولُ: «الحَمْدُ لله الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنَ النَّارِ». أخرجه البخاري.

.ضحكه صلى الله عليه وسلم:

عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: مَا رَأيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مُسْتَجْمِعاً قَطُّ ضَاحِكاً حَتَّى أرَى مِنْهُ لَهَوَاتِهِ، إِنَّمَا كَانَ يَتَبَسَّمُ. متفق عليه.
وَعَنْ جَرِيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: مَا حَجَبَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُنْذُ أسْلَمْتُ، وَلا رَآنِي إِلا تَبَسَّمَ فِي وَجْهِي. متفق عليه.

.بكاؤه صلى الله عليه وسلم:

عَنْ عَبْدِالله بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ لِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «اقْرَأْ عَلَيَّ». قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، آقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟ قَالَ: «نَعَمْ». فَقَرَأْتُ سُورَةَ النِّسَاءِ، حَتَّى أَتَيْتُ إِلَى هَذِهِ الآيَةِ: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا}. قَالَ: «حَسْبُكَ الآنَ». فَالتَفَتُّ إِلَيْهِ فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ. متفق عليه.
وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: زَارَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَبْرَ أمِّهِ، فَبَكَى وَأبْكَى مَنْ حَوْلَهُ، فَقَالَ: «اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي فِي أنْ أسْتَغْفِرَ لَهَا فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي، وَاسْتَأْذَنْتُهُ فِي أنْ أزُورَ قَبْرَهَا فَأذِنَ لِي، فَزُورُوا القُبُورَ، فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ المَوْتَ». أخرجه مسلم.
وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: شَهِدْنَا بِنْتَ رَسُولِ الله، وَرَسُولُ الله جَالِسٌ عَلَى القَبْرِ، فَرَأَيْتُ عَيْنَيْهِ تَدْمَعَانِ. أخرجه البخاري.
وَعَنْ عَبْدِالله بْنِ الشِّخِّيرِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ الله يُصَلِّي وَفِي صَدْرِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ الرَّحَى مِنَ البُكَاءِ. أخرجه أبو داود والنسائي.

.شفقته على أمته:

قال الله تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [128]} [التوبة:128].
وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله: «مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَوْقَدَ نَاراً فَجَعَلَ الجَنَادِبُ وَالفَرَاشُ يَقَعْنَ فِيهَا، وَهُوَ يَذُبُّهُنَّ عَنْهَا، وَأَنَا آخِذٌ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ، وَأَنْتُمْ تَفَلَّتُونَ مِنْ يَدِي». أخرجه مسلم.

.انبساطه صلى الله عليه وسلم:

قال الله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ [199]} [الأعراف:199].
وَعَنْ أنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: إِنْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَيُخَالِطُنَا، حَتَّى يَقُولَ لأخٍ لِي صَغِيرٍ: «يَا أبَا عُمَيْرٍ، مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ». متفق عليه.
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كُنْتُ ألْعَبُ بِالبَنَاتِ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ لِي صَوَاحِبُ يَلْعَبْنَ مَعِي، فَكَانَ رَسُولُ الله إِذَا دَخَلَ يَتَقَمَّعْنَ مِنْهُ، فَيُسَرِّبُهُنَّ إِلَيَّ فَيَلْعَبْنَ مَعِي. متفق عليه.

.عدله صلى الله عليه وسلم:

عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أنَّ قُرَيْشاً أهَمَّهُمْ شَأْنُ المَرْأةِ المَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ، فَقالوا: وَمَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فَقالوا: وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلاَّ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، حِبُّ رَسُولِ الله. فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ، فَقال رَسُولُ الله: «أتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ الله». ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ ثُمَّ قال: «إِنَّمَا أهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ، أنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أقَامُوا عَلَيْهِ الحَدَّ، وَايْمُ الله لَوْ أنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا». متفق عليه.
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ سَفَراً أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ، وَكَانَ يَقْسِمُ لِكُلِّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا، غَيْرَ أَنَّ سَوْدَةَ بِنْتَ زُمْعَةَ وَهَبَتْ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا لِعَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، تَبْتَغِي بِذَلِكَ رِضَا رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. متفق عليه.

.غضبه صلى الله عليه وسلم لأمر الله:

عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَفِي البَيْتِ قِرَامٌ فِيهِ صُوَرٌ، فَتَلَوَّنَ وَجْهُهُ ثُمَّ تَنَاوَلَ السِّتْرَ فَهَتَكَهُ، وَقَالَتْ: قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مِنْ أشَدِّ النَّاسِ عَذَاباً يَوْمَ القِيَامَةِ الَّذِينَ يُصَوِّرُونَ هَذِهِ الصُّوَرَ». متفق عليه.
وَعَنْ أبِي مَسْعُودٍ رَضيَ اللهُ عَنهُ قال: أتَى رَجُلٌ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنِّي لأتَأخَّرُ عَنْ صَلاةِ الغَدَاةِ، مِنْ أجْلِ فُلانٍ مِمَّا يُطِيلُ بِنَا، قال: فَمَا رَأيْتُ رَسُولَ الله قَطُّ أشَدَّ غَضَباً فِي مَوْعِظَةٍ مِنْهُ يَوْمَئِذٍ، قال: فَقَالَ: «يَا أيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ، فَأيُّكُمْ مَا صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيَتَجَوَّزْ، فَإِنَّ فِيهِمُ المَرِيضَ وَالكَبِيرَ وَذَا الحَاجَةِ». متفق عليه.

.حلمه صلى الله عليه وسلم:

قال الله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ [159]} [آل عمران:159].
وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَجُلا أتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَتَقَاضَاهُ فَأغْلَظَ، فَهَمَّ بِهِ أصْحَابُهُ، فَقال رَسُولُ الله: «دَعُوهُ فَإِنَّ لِصَاحِبِ الحَقِّ مَقالا». ثُمَّ قال: «أعْطُوهُ سِنّاً مِثْلَ سِنِّهِ». قالوا: يَا رَسُولَ الله إِلا أمْثَلَ مِنْ سِنِّهِ، فَقال: «أعْطُوهُ فَإِنَّ مِنْ خَيْرِكُمْ أحْسَنَكُمْ قَضَاءً». متفق عليه.
وَعَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كُنْتُ أمْشِي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الحَاشِيَةِ، فَأدْرَكَهُ أعْرَابِيٌّ فَجَذَبَهُ جَذْبَةً شَدِيدَةً، حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَدْ أثَّرَتْ بِهِ حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ مِنْ شِدَّةِ جَذْبَتِهِ، ثُمَّ قال: مُرْ لِي مِنْ مَالِ الله الَّذِي عِنْدَكَ، فَالتَفَتَ إِلَيْهِ فَضَحِكَ، ثُمَّ أمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ. متفق عليه.
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضيَ اللهُ عَنهَا زَوْجَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم حَدّثَتْهُ أَنّهَا قَالَتْ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم: يَا رَسُولَ الله! هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ؟ فَقَالَ: «لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ، وَكَانَ أَشَدّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ العَقَبَةِ، إذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلاَلٍ، فَلَمْ يُجِبْنِي إلَى مَا أَرَدْتُ، فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي، فَلَمْ أَسْتَفِقْ إلاّ بِقَرْنِ الثّعَالِبِ. فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلّتْنِي، فَنَظَرْتُ فَإذَا فِيهَا جِبْرِيلُ، فَنَادَانِي. فَقَالَ: إنّ الله عَزّ وَجَلّ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدّوا عَلَيْكَ، وَقَدْ بَعَثَ إلَيْكَ مَلَكَ الجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ. قَالَ: فَنَادَانِي مَلَكُ الجِبَالِ وَسَلّمَ عَلَيّ. ثُمّ قَالَ: يَا مُحَمّدُ! إنّ الله قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وَأَنَا مَلَكُ الجِبَالِ، وَقَدْ بَعَثَنِي رَبّكَ إِلَيْكَ لِتَأْمُرَنِي بِأَمْرِكَ. فَمَا شِئْتَ؟ إنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمُ الأَخْشَبَيْنِ». فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ الله مِنْ أَصْلاَبِهِمْ مَنْ يَعْبُدالله وَحْدَهُ، لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً». متفق عليه.

.صبره صلى الله عليه وسلم:

قال الله تعالى: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ [60]} [الروم:60].
وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضيَ اللهُ عَنهُ قال: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُوعَكُ فَمَسِسْتُهُ بِيَدِى فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكًا شَدِيداً. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَجَلْ إِنِّي أُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ رَجُلاَنِ مِنْكُمْ». قَالَ: فَقُلْتُ: ذَلِكَ أَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَجَلْ». ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى مِنْ مَرَضٍ فَمَا سِوَاهُ إِلاَّ حَطَّ اللهُ بِهِ سَيِّئَاتِهِ كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا». متفق عليه.
وَعَنْ خَبَّابِ بْنِ الأرَتِّ رَضيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ الله، وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الكَعْبَةِ، فَقُلْنَا: ألا تَسْتَنْصِرُ لَنَا، ألا تَدْعُو لَنَا؟ فقال: «قَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ، يُؤْخَذُ الرَّجُلُ فَيُحْفَرُ لَهُ فِي الأرْضِ، فَيُجْعَلُ فِيهَا، فَيُجَاءُ بِالمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُجْعَلُ نِصْفَيْنِ، وَيُمْشَطُ بِأمْشَاطِ الحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ وَعَظْمِهِ، فَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَالله لَيَتِمَّنَّ هَذَا الأمْرُ، حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ، لا يَخَافُ إِلا اللهَ، وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ». أخرجه البخاري.